-A +A
راوية حشمي (بيروت) hechmirawia@
لبنان بعد 7 مارس 2020 لن يكون كما قبله، فبعد هذا التاريخ، حين خرج رئيس حكومة مواجهة التحديات حسان دياب على اللبنانيين ليبلغهم أنه تقرر بإجماع السلطة الحاكمة تعليق سداد سندات اليوروبوند، متذرعين بالحرص على الشعب اللبناني، صار بالإمكان القول إن لبنان دخل نادي الدول المتعثرة والمتخلفة عن سداد دیونها، وهذا یحدث للمرة الأولى في تاريخه الذي سيتجه لا محال في قادم الأيام إلى مواجهة المؤسسات الدائنة في معركة استرداد أموالها.

القرار الاقتصادي الأصعب اتخذ، ولكنه اتخذ من خلال الحكومة الأضعف التي شكلتها السلطة للتحايل بها على المجتمعات الدولية والعربية، حكومة جعلوها تدعي أنها قادرة على المواجهة وهي في الواقع غير قادرة على إعداد خطة لإدارة مرحلة التخلف عن سداد الديون أو إلى إعداد برنامج جدولة ديونها بالتوافق مع الدائنين في ظل التباين الواضح والفاضح بين أركان السلطة الذين توافقوا على مضض على قرار عدم دفع السندات.


7 آذار (مارس) هو بداية التغيير لوجه لبنان الاقتصادي، ففي الشكل فإن قرار الحكومة بعدم سداد ديونها هو أول إعلان رسمي على «فشل دولة لبنان» خاصة وأن القطاع المصرفي هو صمام أمان لأي بلد.

7 آذار رسخ الحقيقة التي كان يتداول بها الشعب الذي نزل إلى الشوارع وملأ الساحات لأن دولته تُدار من قبل شبكة الفساد الزبائنیة التي رسختها القوى السياسية التي ما زالت تحكم وتتحكم بمصير البلاد. وفي المضمون، فقد كرس هذا التاريخ واقع لبنان بأنه عاجز، وقد يتجه إلى عزل دولي وعزل اقتصادي وربما إلى حجر مالي وهذا يعتبر تهديدا دوليا مباشرا لسيادة الدولة المنتهكة أساساً بفعل خطفها «حزب الله» وجعلها رهينة لدى ملالي طهران من خلال سيطرته على مرافق الدولة الحيوية بمساعدة شركائه وحلفائه في الداخل لتسهيل حركته المالية واللوجستية. يبدو أن جُل ما كان يسعى الرئيس حسان دياب في ذاك التاريخ، إليه هو سماع تصفيق الجماهير في الساحات بعد إعلانه تعليق سداد الديون، والسؤال: هل كان يدرك أنه في الواقع كان يعلن إفلاس لبنان؟

وفي ظل تضارب القوى الاقتصادية والسياسية بفعل ارتباطاتها الخارجية، الأمر الذي سيكون السبب الرئيس لفشل الحكومة في برمجة أو إدارة إفلاس لبنان، يكون السؤال الوحيد والمتبقي أمام هذا الواقع وفي ظل غياب أي تدبير جدي هو: كيف يمكن لدولة أعلنت إفلاسها أن تستدين من الأسواق الدولية؟ في الواقع، لا يوجد جواب لدى أي مسؤول بعدما أغلق لبنان بفعل سياساته المتهورة تجاه دول الخليج أولاً وتجاه الغرب ثانياً الذي كان يراقب بصمت عملية الإصلاح المزعومة كل أبواب الإغاثة، لأن المساعدة لم تعد تجدي نفعاً.